محمود ياسين
بلادي سقطت ولم نمهلها حتى تؤدي رقصة الموت الأخيرة
الاثنين 15 يناير 2018 الساعة 20:36

ما يحدث لي يا صديقتي هو ما يحدث لرجل كان لديه بلد يكاد يكون لائقا وملائما للحياة الممكنة
لدي الآن خرابة ، أنا كنت متحمسا لها للغاية ولقد شاركت بفاعلية في تشييد هذه الخرابة اثناء ما كنت أبحث عن فردوس اثناء سعيي الدئوب لإنجاز نسخة اسكندنافية أعدتها إلى ما قبل الدولة
لا تشفقي علي
اعرف أنني الآن كامل الأهلية ، لدي كلما يلزم مثقفا مبهرا ومتأنقا بجاذبية اليائس الرومانسي عوضا عن غواية فضولك الجزائري بشأن الصورة المتخيلة لكاتب يائس في صنعاء ، الكثير من السجائر والأرق وما يلزم الصورة الكاملة باستثناء البنطلون الجينز فأنا يائس وجودي وفي حالة خيبة بكامل قيافتي الوطنية ، يمني إثر قات في حالة من الفوضى الذهنية والفلكلور المرتب جيدا ، الشال على كتفي والجنبية التي تطلقين عليها " خنجر" منتصبة مثل حالة عناد شيخ قبيلة ضربوه في السوق . 

يخطر لي الان ارتداء الصورة التي في ذهنك وانت على حافة جسر قسنطينة تتحدثين لمثقف يرتدي الجاكت ويضع شالا من ذلك النوع الذي يلفه الفنانون اليائسون في السان جرمان بباريس 
ربما يمنحك ذلك الحماسة الكافية لأن ترقصي لي على حافة الجسر على سبيل تحقيق حلم بطل رواية مستغانمي وهو يتوسل : حياة اشطحي لي 
أنا بنيت لي بيتا على حافة الجسر فرقصت لي شياطين الوجود ذلك انني " رفعت الكلفة مع الهاوية 
أنا أضعف حتى من التمتع بحق الندم ، 
اشطحي لي يا بنت الأوراس ، وسينعكس ظل جسدك يتثنى على قمم جبال بلادي التي نسيت شكل الظلال . 

في كل ليلة احشد مخزوني الهائل من الرثاء وأقسمه سرا بين القتلى والقتلة والطرقات الوحيدة ، محتفظا للذات بكفايتها من رثاء الطقوس السرية لحزن اليمني الخجل من دموعه ، 
اشطحي لي يا نوران ، بلادي سقطت ولم نمهلها حتى أن تؤدي رقصة الموت الأخيرة .