جيل التسعينيات الشعري في اليمن من استشراف الغد إلى امتلاكه استعراض للوقائع.. ورصد للتجليات(4-4) - علوان الجيلاني
الاثنين 31 اكتوبر 2016 الساعة 10:45
الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة

 


ولكن أبرز ما شهدته هذه الفترة هو بدء فرز اختيارات الكتاب من ناحية الاشتغالات الشكلية، وبمقدار ما كانت تلك السنوات الأربع شديدة الاحتفاء بإصدارات معظمها لقصيدة التفعيلة، إضافة إلى بعض المجموعات العمودية، وبعض إصدارات من قصيدة النثر فإن تيار الشعراء الذين اختاروا أن يتجاوزوا شكلي العمود والتفعيلة أو يرفضوهما من حيث المبدأ قد دشن نشاطاً محموماً شمل كتابة النص والتبشير به والتنظير له، وجر المترددين إلى ساحته من خلال المثاقفات المقايلية، والمعارك الأدبية، والمواقف الحادة التي كانت أحياناً تصل حد القطيعة في سبيل التأسيس أو الترسيخ لقصيدة نثر جديدة ولأشكال مختلفة ومغايرة تماماً.. وقد نشط في هذا السياق شعراء مثل: أحمد السلامي، محمد الشيباني، محمد المنصور، علي المقري، جميل حاجب، نبيل سبيع، محمد اللوزي، عمار النجار... تالياً نبيلة الزبير، هدى أبلان، ابتسام المتوكل، نادية مرعي، نبيلة الكبسي، عادل قحطان.. وتولى رعاية هذا التيار والدفع به الناقد حاتم الصكر، والشاعر محمد حسين هيثم، والقاص أحمد زين، الذي كان محركاً مهماً لتلك التوجهات كما كان محركاً لحدة الخطاب، والرفض عندهم حد الافتعال أحياناً..ومثله القاص محمد عثمان وإن بطريقة أكثر هدوءاً.. وكانت مشاكل التلقي التي تواجهها قصيدة النثر.. قياساً بالشكلين الآخرين أيضاً الإخفاق إلى حد ما في إغواء الأقلام القليلة المشتغلة بالنقد –إن جاز التعبير- يدفع الكثير من أفراد ذلك التيار إلى مزيد من الحدة التي لا يبررها إلا الحماس المطلوب لتثبيت كل جديد.. وقد نجحت هذه الموجة في إثبات وجودها بقوة، وترسيخ ما تراكم من مقدماتها عبر سنوات العقد التسعيني وما راكمته الأجيال السابقة وإن كان اعتمادها أكثر على آباء من خارج اليمن مثل: وديع سعادة، وسليم بركات، وعباس بيضون، ومحمد الماغوط، بول شاول، قاسم حداد، سيف الرحبي، سركون بولص، أمجد ناصر( ).. في مؤشر واضح على تبدل المرجعيات والمؤثرات، وهو أبرز العلامات الفارقة في هذا الجيل( )، بيد أن حضور قصيدة النثر في الساحة بتلك القوة لم يزعزع وجود الأشكال الأخرى، فقد ثبتت إلى جانبها قصيدة العمود وقصيدة التفعيلة، رغم أن عدداً وافراً ممن كانوا يكتبون شكلي العمود والتفعيلة، كانوا ينضمون تباعاً إلى ركب قصيدة النثر، بعضهم يفارق الشكلين السابقين، وبعضهم يجاور بين اجتراح قصيدة النثر والعمود والتفعيلة.. 
 

 

وحين أطل العقد الأول من القرن الواحد والعشرين كان الجيل التسعيني قد ثبت نفسه، بل كان قد استولى استيلاء شبه كامل على المشهد الشعري اليمني حد أن الشاعر محمد حسين هيثم، الذي كان أحد المبشرين بهذا الجيل والحاضنين لأصواته قد عبر عن ضيقه ذات مرة بسطوة التسعينيين وسيطرتهم على المشهد الشعري من خلال مقالة شهيرة شبه فيها طريقتهم في السيطرة على المشهد بعقلية (المليشيا)..وأنكر عليهم أي تجاوز في المضامين أو الفن، أو المعجم، معلناً أنهم لا زالوا يقفون عند حدود المنجز السبعيني ولم يتجاوزوه.
 

وقد شهدت السنوات الأولى من الألفية استكمالاً واسعاً لإصدارات التسعينيين، تمثل فيها الحضور القوي للإصدارات الخاصة بقصيدة النثر.. فصدر سنة 2001م..(تكييف الخطأ) للشاعر محمد الشيباني..و(أعالي) لجميل حاجب..و(تنوين الغائب) لنبيلة الزبير، و(الشباك تهتز العنكبوت يبتهج) لمحمد اللوزي، و(أقاصي) لمحمد عبيد، و(انكسارات) لآمنة يوسف.
وصدر سنة 2002م: (أسلاف الماء) لأحمد الزراعي.. و(مسحوق التعب اليومي) لعبد الوكيل السروري.. و(حياة بلا باب) لأحمد السلامي، و(والصيرورة شجرة تثمر فؤوساً) لعمار النجار.
وصدر سنة 2003م: (سيرة الأشياء) لمحمد المنصور.. و(أوسع من شارع – أضيق من جينز) لمحمد الشيباني..و(يحدث في النسيان) لعلي المقري...( صعودا إلي فردة كبريت) لنبيلة الزبير، و(بضعة أيام أخرى في الصيف) لعبد الناصر مجلي..

 

إلى جانب الإصدارات في شكلي العمود والتفعيلة، فقد صدر سنة 2001م....(على شفاه الوقت) لجميل مفرح...و(القوافي القلقة) للحارث بن الفضل الشميري..و(كتاب الحسين) لعبد السلام الكبسي، و(مسافات) لخالد زيد الشامي..
وصدر سنة 2002م (من ذاكرة الصمت) لخالد زيد الشامي، 
وصدر سنة 2003م.. (مشهد خاف أن ينتهي) لعلي جاحز..و(ملامح زورق يهذي) لإسماعيل مخاوي..و(جرح آخر يشبهني) لأحمد الشلفي...و(حمّالة النهدين) للحارث بن الفضل الشميري.
كما شهدت تلك السنوات الثلاث صدور مجموعة من الكتب التي ارتكزت مقارباتها النقدية أساساً على تجربة الجيل التسعيني.. فصدر سنة 2002م (الكتابة الجديدة) لأحمد السلامي.. وصدر للناقد هشام سعيد شمسان (مكاشفات النص)سنة 2003م.. وارتكز في أكثره على التسعينيين.. وصدر كتاب (قصيدة النثر أجيال وأصوات) للناقد حاتم الصكر سنة 2003م، وارتكز في أكثره على التسعينيين.. وصدر (أوراق في النقد) للناقد محيي الدين على سعيد.. ارتكز في معظمه أيضاً على التسعينيين..
وكانت سنة 2004م تتويجاً لكل الإصدارات في مختلف الأشكال الشعرية التي اجترحها التسعينيون.. وحين أقيم المهرجان الأول للشعراء الشباب العرب في ابريل 2004م ضمن فعاليات صنعاء عاصمة للثقافة العربية، كان ذلك بمثابة تتويج الاحتفاءات بالجيل التسعيني اليمني، فتموضعت النقاشات والندوات والقراءات إبداعاتهم بشكل غير مسبوق.. وصاحبتها وتلتها إصدارات نقدية تضمنت مقاربات كثيرة لمدونة الجيل التسعيني الشعرية، من مثل: (السنونو والربيع) للناقدة وجدان الصائغ.. و(ضفاف للغواية واليقين، قراءات في المنجز الإبداعي والنقدي اليمني الحديث) لعلي حداد.. إضافة إلى تناولات أخرى للنقاد صبري مسلم، عهد فاضل، محمود جابر عباس، محمد العباس، محمد عبد المطلب، وتناولت تجارب البعض منهم في سياقات مختلفة بعض رسائل الماجستير والدكتوراه.. 

 

 

وما زال الجيل التسعيني يثير الصخب والنقاش، ويشكل مادة لتناولات الصحف ومقاربات النقد ومثاقفة المقايل.. وهو بسبب كل ذلك يستلزم المزيد من التناولات الراصدة لناحية التاريخ له، وما أثاره وما أثير حوله.. ولنواحي ظواهره الفنية وإضافاته وتجاوزاته، وموضعه في سياق الحراكات الثقافية والاجتماعية والسياسة والإبداعية اليمنية بشكل خاص والعربية بشكل عام.. 
 

ولعل هذه التناولة تكون الأكثر شمولاً وتقصياً وتحرياً للدقة والموضوعية فيما يتعلق بالرصد التاريخي لحركة الجيل الشعري التسعيني في اليمن منذ تبازغاته عند نهاية الثمانينيات من القرن الماضي.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

متعلقات