التكريم محرض للإبداع والتميز (فيصل سعيد فارع نموذجا) - حسن حمود الدوله
الخميس 12 يوليو 2018 الساعة 11:38
الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة



بداية تجدر الإشارة إلى أن الحديث عن القامات الكبيرة بحضورهم أمر صعب، ويكون أكثر صعوبة إذا كان المكرم والمحتفى به أخا وصديقا وزميل عمل، وقامة وطنية كبيرة ومثقف وشخصية استثنائية، عايشت أهم محطات عطائه المتزايد خلال اربعين عاما، فالحديث المقتضب لا يفي بحق الرجل ، وتزداد الصعوبة أكثر وأكثر حين اتحدث عنه وأنا الذي تعودت أن اقف أمامه مستمعا ومستمتعا بأحاديثه الجميلة، وهو يحكي لنا في المجالس وفي منتداه الأدبي الأسبوعي جديد قراءاته وتحليلاته في فنون متعددة ثقافية وسياسية واقتصادية، فالأستاذ فيصل سعيد فارع مثقف موسوعي ،غزير الانتاج والابداع ، وقد وقفت على أهم محطات حياته الزاخرة والمستمرة بالعطاء المتزايد، عن قرب وبالتالي فالحديث عن كل محطة يحتاج لساعات، لكنني سوف اتقيد بالإختصار بما يسمح به الوقت المحدد لكل متحدث..
 

فالأستاذ فيصل من اولئك القلة الشغوفين بالقراءة في مجال الأدب كما في مجال تخصصه الاقتصاد ، لأن الأدب والفن تعبير وتجسيد عن حالة المجتمع بشكل عام بمعني انه يوجد ارتباط طردي بين الاقتصاد والأدب ، فعندما يكون الفن راقيا والأدب مزدهرا يكون الاقتصاد منتعشا، والمجتمع متحضرا.
وقد شرفت حين اختارني أخي فيصل أن أكون أحد المتحدثين، لأنه قامة كبيرة يشبه شجرة وارفة الظلال غنية بالثمار، مستمرة في العطاء، قامة أدبية وثقافية شامخة ورائد من رواد الاقتصاد اليمني، ساهم في الحياة العامة بشكل نوعي، وله بصمات واضحة وجلية في تأسيس العديد من شركات القطاع الخاص والمصانع الإنتاجية الناجحة والمزدهرة حتى اليوم.

 

كما أن خدماته الجليلة للثقافة والكتاب والادباء والمبدعين غنية عن الشرح، وبخاصة بعد ان استطاع أن يقنع القطاع الخاص في دعم الثقافة والمثقفين، وذلك من خلال مساهمته في تأسيس مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة، وكذلك جهوده الجبارة في إنشاء أكبر مكتبة في محافظة تعز تتبع مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة التي يشرف عليها ويديرها منذ تأسيسها، وهذه العلاقة الحميمية التي تربطه بالكتاب جعلته من أكثر الناس التصاقا بهموم الكتاب والأدباء والمبدعين، وأكثرهم معرفة لأهمية تكريم المبدعين فسعى إلى تأسيس جائزة المرحوم هايل سعيد انعم للعلوم والآداب.
 

وهو مؤلف غزير الإنتاج له مؤلفات عديدة اغنى بها المكتبة اليمنية وسد حيزا في فراغاتها، في حقول مختلفة ثقافية واقتصادية وتاريخية منها كتابه الشهير الموسوم ب:(تعزفرادة المكان وعظمة التأريخ)، وله العدد من البحوث والأوراق العلمية التي ساهم بها في فعاليات ادبية وعلمية مختلفة ، كما انه حرر العديد من الكتب التوثيقية، وحصد العديد من الجوائز وكرم في فعاليات عديدة من قبل جامعات ومؤسسات ثقافية واعلامية ومنتديات ثقافية، وحصل على العديد من شهادات التقدير والقلادات والأوسمة التي لا يتسع المجال لذكرها، ولن يجانبني الصواب إذا ما قلت بأن تلك الجوائز والشهادات وفعاليات التكريم كان لها دور اساسي في غزارة عطائه وإنتاجه الثقافي والاقتصادي.
 

نعم إن تكريم الشخصيات الثقافية والقامات الكبيرة والمبدعين أثناء مرحلة عطائهم يعد تحرضا على التميز والتفوق ، وتحفيزا على المزيد من البذل والعطاء واستمراه وغزارته ، وبالتالي فإن إقامة مثل هكذا فعاليات تكريم التي يقيمها نادي القصة اليمني (أل مقه) يعد استثمارا ذكيا في وظيفة المبرزين والرواد والمبدعين في فنون ادبية وثقافية مختلفة، ويعتبر تكريم ناديكم الموقر في هذه الفعالية الجميلة للأستاذ فيصل سعيد فارع تكريما متميزا ولمسة وفاء من مبدعين لمبدع ورسالة عنوانها الوفاء والتقدير والشكر والعرفان تجاه من يساهم في خدمة اليمن.
 

وقد تنبه لأهمية التكريم للقامات الوطنية إثناء مراحل عطائهم المناضل الكبير الأستاذ محمد الفسيل حين اطلق مقولته التي يتداولها الناس :[كرموني حيا لا ميتا]، نعم ما اجمل وما اروع ان يكرم المبدعون أثناء رحلة عطائهم فيكون لهم ذلك التكريم محفز ودافع ومحرض للمزيد من الإبداع.
فكم رأينا قامات كبيرة غادروا دنيانا وهم غير معروفين عند العامة، ولا يعرف أهمية عطائهم إلا نخب قليلة تسابقت في ابراز عظمة ابداعاتهم بعد رحيلهم، ولم ينالوا تلك الشهرة أثناء حياتهم ، ومنهم من تسبب عدم التكريم وعدم ابراز عطائهم إلى توقف عطائهم ، وقد اصيبوا بالإحباط والتزموا العزلة، دون أن يلتفت إلهم أحد رغم انهم كما قيل من اجل النعم التي ينعم الله بها على بلد من البلدان فصحيح ان التكريم بعد الرحيل أفضل من عدمه ، إلا أن التكريم أثناء رحلة العطاء هو الأعظم والأجمل والأرقى لأنه يمثل كما اسلفنا دافعا قويا للمزيد من العطاء والإبداع، والدليل على صحة ما نقول هو هذا العطاء المتدفق للمحتفى به في هذه الفاعلية الرائعة الأستاذ فيصل سعيد فارع المدحجي..، وهو وإن كان تكريما رمزيا إلا أن قيمته أنه جاء من هذه النخب الأدبية المتلألئة في سماء الأدب اليمني ، هذه النخبة التي تحرص على تكريس التكريم كثقافة ليكون متجذرا في سلوكنا واخلاقنا وقيمنا لأن التكريم كما اسلفنا يعد محرضا أساسيا على المزيد من الإبداع والبذل والعطاء. وفي الختام لا يسعني إلا أن اقول له الف مبروك لأخي وصديقي فيصل على هذا التكريم، والشكر والتقدير لنادي القصة اليمني (أل مقة) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

متعلقات