الحديدة …نازحون وعالقون و المنفذ المتبقي للنجاة واحد
الاربعاء 14 نوفمبر 2018 الساعة 15:56
الرأي برس _ المشاهد

تتصاعدُ حركةُ النزوح لآلاف المدنيين من مدينة الحديدة الساحلية (غربي اليمن)، جراء احتدام المعارك والقصف الجوي والمدفعي المتبادل بين القوات الحكومية من جهة، ومسلحي جماعة الحوثيين من جهة أخرى منذ مطلع نوفمبر الجاري.

وأجبرت المعارك التي تحولت إلى حرب شوارع جنوب وشرق المدينة وسط كثافة القصف الجوي والمدفعي، مئاتِ الأسر على النزوح والفرار إلى مناطق أخرى داخل المحافظة ومحافظات أخرى كحجة والمحويت وصنعاء هرباً من أزيز الرصاص ودوي القذائف وبحثاً عن ملاذ آمن.

وتشهد مدينة الحديدة، حركة نزوح كبيرة منذ نحو أسبوع عبر خط الشام الرابط بين محافظتي الحديدة وحجة، والذي يعتبر المنفذ الوحيد الذي يربط مدينة الحديدة بمحيطها الخارجي بعد قطع القوات الحكومية خط كيلو 16 شرقي المدينة والخط الساحلي جنوبي المدينة بهدف قطع خطوط الإمداد عن مسلحي جماعة الحوثيين.

445 ألف نازح

وتقدرُ مصادر غير رسمية عدد المدنيين الذين نزحوا من المدينة منذ تجددِ المعارك مطلع نوفمبر الحالي بنحو عشرة آلاف شخص فيما قالت الأممُ المتحدة في تقريرٍ صادرٍ عنها يوم السبت الماضي، إن نحو 445 ألف شخص نزحوا من محافظة الحديدة منذ حزيران/يونيو، بينهم عشرات الآلاف من المدينة التي يبلغ إجمالي عدد سكانها نحو 600 ألف نسمة، وفقاً للأرقام الصادرة عن مجلس اللاجئين النرويجي.

وقال بلغيث بهيدر لـ”المشاهد” أنه نزح مع أسرته من مدينة الحديدة الى مدينة الزيدية، شمال محافظة الحديدة يوم الجمعة الماضي عقب سقوط قذيفة في حوش منزلهم الكائن في حي 7 يوليو شرقي المدينة دون وقوع أضرار بشرية.

وأضاف بهيدر أن كثيراً من الأسر فضلت البقاء ومواجهة المصير المحتوم رغم اقتراب المواجهات من الأحياء السكنية المكتظة واشتداد القصف لأسباب منها عدم وجود المال الكافي أو بسبب العمل أو خوفٌ من تكرار تجربة نزوح سابقة عانوا فيها الأمرين.

وأشار إلى أن السكان غير القادرين على النزوح من المدينة يواجهون قصفاً لا يهدأ ونقصاً في الغذاء والدواء والمياه النظيفة فضلاً عن انقطاع الكهرباء، وشبكة الاتصالات والإنترنت.

أسر محاصرة

من جهته قال حسن مرعي وهو سائق دراجة نارية، إنه قرر مع أسرته البقاء في البيت، بعد أن تمكن من ادخار أساسيات الطعام والشراب لنحو شهر، بمساعدة ابنه المغترب في السعودية.. مضيفاً: “بيتي يعزني، لا أملك القدرة على النزوح والانتظار للفتات الذي تقدمه المنظمات وما هو مكتوب من الله سنأخذه.

وعبر في حديثه عبر الهاتف لـ”المشاهد” عن قلقه من إغلاق معظم محلات الصرافة أبوابها بعد انقطاع شبكة الاتصالات والإنترنت عن المدينة منذ صباح يوم الاثنين، مشيراً إلى أن كثير من الأسر التي فضلت البقاء في المدينة تعتمد على الحوالات الداخلية والخارجية من ذويها بعد توقف النشاط التجاري بشكل شبه كامل في المدينة.

وأشار إلى أن عشرات الأسر باتت محاصرة في منازلها وتعاني شحاً حاداً في المؤن الأساسية، مع توسع رقعة المواجهات في المناطق المحاذية لشارعي الخمسين والتسعين ومدينة 7 يوليو وحي الربصة عند الضواحي الشرقية والجنوبية الغربية لمدينة الحديدة.


نازحون من مدينة الحديدة
نازحون وعالقون

تثير المعارك في مدينة الحديدة الساحلية مخاوف منظمات إنسانية وطبية على حياة السكان، ومن آثارها على المناطق الأخرى في حال توقف نقل المواد الغذائية والمساعدات من المدينة إلى تلك المناطق.

وقالت منظمة “أطباء بلا حدود” في تغريداتٍ على موقعها على “تويتر” الثلاثاء إن “حدة العنف والمعارك الأرضية والقصف الجوي والبحري” اشتدت منذ الخميس الماضي، وأن “خطوط الجبهات” تقترب “من المناطق المدنية والمرافق الصحية”.

وتحدثت المنظمة عن حركة نزوح لمدنيين يغادرون الحديدة نهاية الأسبوع “بينما تفيد تقارير بأن هنالك آخرين عالقين داخل المدينة بسبب المعارك اليومية التي تزداد بسببها مخاوف وقوع المدينة تحت الحصار”.

تضرر المستشفى الوحيد في المدينة

وحذرت منظمات إغاثة دولية ومحلية من وصول القتال إلى المناطق السكنية في الأحياء السكنية بسبعه يوليو وحي الجامعة الذي يبعد أربعة كيلومترات عن الميناء ووصول القتال الى مستشفى الثورة العام، المستشفى الوحيد الذي لايزال يعمل في المدينة وتضرره نتيجة معارك يوم الأحد الماضي.

ونقلت صحيفة ذا ناشيونال” عن “خالد سهيل” المدير التنفيذي لمستشفى الثَّورة أن مبنى المستشفى الحكومي أصيب بأضرار بالغة نتيجة تساقط القذائف والشظايا على السقف وتدميرها خزانات المياه بالمستشفى.

وقال الدكتور سهيل إن “العديد من المرضى أصيبوا بسبب اندلاع القتال حول المستشفى ما أجبر المرضى والعاملين على الفرار في حالةٍ من الذعر وإجلاء الموظفات العاملات من المستشفى.

وناشدت منظمة العفو الدولية في بيان لها يوم الاثنين طرفي الصراع بضرورة تجنيب الأماكن الآهلة بالسكان أو التي تحوي مرافق صحية الصراع المسلح.

وأدانت المنظمة تموضع عصابات الحوثي بالقرب من المرافق الصحية والمستشفيات بشكلٍ متعمد، ما يعرض حياة المرضى والأطباء للخطر، وانتقدت الغارات الجوية التي تشنها مقاتلات التحالف العربي والتي تستهدف الحوثيين المتمركزين بالقرب من المرافق والمستشفيات الصحية.

تراجع حدة المعارك

وعلى صعيد التطورات العسكرية، تراجعت حدة المعارك في الحديدة منذ نحو 48 ساعة، بعد اشتباكاتٍ طاحنة يوم الأحد في الجزء الجنوبي من المدينة في حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث بخفض التصعيد العسكري في المدينة.

وتزامن توقف المعارك مع زيارة وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هنت، للسعودية للضغط من أجل إنهاء الحرب فيما زار وفدٌ أممي رفيع المستوى، الثلاثاء، مدينة الحديدة واطلع على سير العمل في مينائها الهام عقب ساعات من تعرضه لغارة جوية مساء الاثنين.

وحذر الأمين العام للمنظمة الدولية، أنطونيو غوتيريش، من أن تدمير الميناء سيكون كارثةً على ملايين اليمنيين الذين يعيشون على المساعدات الإنسانية.

وترى المنظمات الدولية أن القتال في مدينة الحديدة يعرض الميناء الذي يعتبر شريان الحياة الرئيسي في المدينة للخطر، كونه يمثّل منفذاً مهماً للتجارة والمساعدات الإنسانية لمناطق سيطرة الحوثيين بنسبة 80%، وهو ما يمكن أن يعرض حياة نحو 8 ملايين يمني يحصلون على مساعدات إنسانية لخطر المجاعة، وفقاً للأمم المتحدة.

واشتدت المواجهات في الحديدة منذ الأول من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، ونجحت القوات الحكومية في اختراق دفاعات الحوثيين والتوغل في شرق وجنوب المدينة بهدف استكمال السيطرة على الحديدة ومينائها الاستراتيجي من قبضة الحوثيين، بالتزامن مع تصاعد الدعوات الدولية المطالبة بوقف الحرب والعودة إلى مفاوضات السلام.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

متعلقات