ماهِيّة - هدى محمد العباسي
السبت 31 اكتوبر 2020 الساعة 15:28
الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة

 


 كثيرا ما يراودني، لم أكن أعي شيئا حينها.

ستُ سنون و نيفا، وأنا أعافر، تعثرت مرات عديدة، حتى أنني نسيت عدها، في كل مرة تزحلقت فيها، كنتُ انفظ اليأس من على قميصي؛ لأستقيم مجددا -خفيفة-  لئلا تثقل حركتي تراكم ذرات غبار، أو تصيبني بالزكام؛ فيصبح المرض حائلا بيني وبين الذي اخترته. تتآمر تيارات الرياح عليّ، تفقدني التوازن تارة، وأخرى تبتر المسافة؛ كم هي عنيدة! تخاذلت؛ فالطقس محبط. لقد كان هناك عرض مغري ينادي ، قَدم نفسه إلي، كما يقال: "بطبق من ذهب" ، غلبني، فسولت لي نفسي، كان يغمرني بالدفئ، والراحة المؤقتة.

كانت فكرة شيطانية، كلفتني بنومة أهل الكهف.  حتى تلقيتُ تلك الصفعة؛ أيقظتني من تلك الدوامة المقيتة، كل الأشياء من حولي تغيرت، حتى أنا! عدا ذاك المكان اللعين، أصابه الشلل، تحجر من ذاك السكون، حتى بدا حينها كدار مهجور، من هول المنظر. 

حاولت أن استجمع قواي، لكن ثمة شيء يحاصر جسدي، و فجأة لمع ذاك البرق، كشف ما يتوارى عن ناظري ،إنه ال... 

عرفته يقينا! لكن لساني تتلعثم، لا تقوى على النطق، كأن آلية الحديث تعطلت، أو ضلت الأحرف طريقها، بالكاد تجولت عيناي في المكان، بلهفة، بحثا عن قلم يصف ذاك الشيء، حتى اكتشفتُ بأن جسدي المتنمل كليا، عاجز عن الحركة، كأنما التصق لحمي! تماما كشعور أحدهم بالتصلب المزري، عند الجاثوم!  

نعم مثله وإن لم يكن هو!  لعلك لم تشعر بهذا الشعور قط، وأدعو الله بأن لا يحدث!

ولكن عزيزي القارئ، حتما كان هناك طريقة "ب" هي من فعلت ذلك، لو كان بوسعي لقلت لها بأنني مدينة لها  بروحي؛ ويؤسفني حقا بأنها ليست لي ؛ فكيف لنا أن نراهن بأشياء ليست لنا! لكنها قد أنقذتني من ذاك السديم، الأعمى. أراني اقتلعت تلك الجذور، التي تشبثت بي، قبل أن تتعفن، و بدلا من أن ابترها، كنت سأجبر أن أفقد ماهيتي أيضا!!  

عزائي له،  لكل شيء فقد بريقه، و للشجرة -الشجرة- التي ظنت أن تربة واحدة تكفيها، فقد فوتت على أغصانها طقوس تمتد جذورها للمدى الذي لم تتخيله،  و لكل من فقد ماهيته... 

 

 

28/10/2020

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

متعلقات