الرياض - ثابت العقاب
الاثنين 12 ابريل 2021 الساعة 09:20
الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة


الكتابة عن الرياض ليس لملمة مشاعر  ولا سرد معاني ولا  ايواء مجاز ولا استعراض مفردات الكتابة هنا تحتاج الى مواقيت ومواسم وابراج ونجوم وحسابات دقيقة ورصد لاقتران زحل والمشتري في برج الثور 
وعودة نبتون الي حليفه الحوت و عبور الزهرة واحتراقها بالشمس  ..
لم يكن باستطاعتي العيش في هذه المدينة دونما إحساسي المفرط ومشاعري المتأججة ووجداني المختلج   .. كانت الرياض المدينة تتكون داخلي تارة كأنثى وتارة كقصيدة وتارة هواجس تمرد وجنون و حب وكنت انا أتشكل في الأقاصي شاعرا وفي العمق حكاية وفي سمائها غيمة صغيرة  ..
في صباح الرياض يحلو لي ان أرتب الأشياء وأسوق المعنى و اعبر من داخلي إلى كثبان الرمل عبر فنجان القهوة .. حينا احزم حقائب السفر واشرعة الرحيل واسنة المعنى .. واحيانا ادخل في حوارات ونقاشات مع من سكنوا و مع من  مرو من الشعراء أتبادل الحديث معهم بل قد نذهب في حوارات شعرية مديدة وعديدة تتجاوز اللغة والعيون و تبعث الصبابة والشجون  ..
وعندما يأتي المساء وحين تكون الرياض كسوسنة في يد الريح كعطر في كؤوس الضوء المنسدل من شرفات القمر  كأغنية مسروقة من ليالي الف ليلة وليلة كتذاكر سفر بين يدي طائر الاشجان ..
عندما يأتي المساء وحين تكون الذكريات من سفر الى سفر ومن حلم الى حلم ومن موعد الى موعد ومن ذكرى الى ذكرى  .. اسافر  اعبر العليا العام بوابة الدرعية الجسر المعلق مخارجها الأربعين ..
وكلما عدت من سفر أجد الرياض تنتظرني وكلما ابت من حلم وجدتها تسبقني إلي تمنحني الرضا قبل الحب والقرب قبل الود واللقاء قبل المواعيد  ..
كلما سافرت كانت تذاكر وكلما احببت كانت همس وكلما اشتقت كانت لقاء وكلما واعدت كانت غرام وكلما حزنت كانت دموع وكلما فارقت كانت وصل وكلما ابتعدت كانت قرب وكلما طربت كانت لحن وكلما استوحشت كانت امان وكلما احسست كانت نبض وكلما انتظرت كانت حلم وكلما عدت خائبا كانت عطاء ..
علمتني الرياض كيف البس الشماغ وكيف ارتدى العقال وكيف اقضي يومي بين صحاري الدهناء وبرج المملكة .. علمتني كيف اشوي القصيدة فوق الكثيب وكيف اعبر العيون وانا اعزل دون رماح ودون حراب ودون سلاح  .. علمتني كيف اكتب رسالة حب وكيف اقرأ خطوط الطول والعرض وكيف ارسم نهرا وتلا وبيتا صغيرا وكيف اعيد الاغاني زبيبا والربابة عنب .. علمتني أنها ليست منفى و انني لست غريبا ولست لاجئا ولست مقيما ..
الرياض هي زهرة المدائن وسيدة الجميلات وملتقى الشعر والشعراء انها غراء فرعاء مصقول عوارضها 
لكنها لا تمشي الهوينا ولا تعرف الوحي الوجل ولا يقف التاريخ فيها عند تلال الشعر وجنان القصائد ودار الافتاء وثكنات المحاربين لكنه يتعدى ذلك الى الآتي عبر الزمن لترى فيها مدى أوسع من الرؤية وأفق ابعد من نظر زرقاء اليمامة و مستقبل اكبر من الغد  ..
 الرياض ليست مدينة انها زمن ينهض بالابراج و يحتفل بالاسواق والمراكز التجارية والطرقات والحدائق ويعيد تدوير الطاقة الى اقتصاد والنفط الى قرار والثروة الى صدارة والمواطن الى انسان ..
الرياض مدينة لا تعرف الملل أو الضجر  تسمو معك وبك وفيك ومنك تزرع الحلم في عينيك والمعرفة في شفتيك  .. مدينة تنتمي اليك الى الانسان وقيمه إلى أحلامه ومشاريعه الصغيرة والكبيرة  إلى غده وأمسه الى ليله ونهاره  ..
مدينة ينسكب من عينيها الطرب ومن صباها العشق ومن حاضرها الألق  .. مدينة تحتفل بكل ماهو جميل بالزهور والورود وبالخضرة بالألوان بالعطر بقوس قزح بمساحات ومقادير متفاوته من الحب والفن والضوء من الليل والنهار من الحكاية والقصيدة من الغناء والرقص من النسك والعبادات وكلما تهت فيها ارشدتك شوارعها و أرصفتها و بناياتها وحدائقها ومتاحفها و مآذنها العالية إليها ..
الرياض عاصمة من لا عاصمة له وشاطئ من لا بحر له ورمال من وطن له ومواسم من لا روض له 
 لها يد واحدة هي العطاء و قاموس واحد هو  الحب وعين واحدة هي الرضا ونافذة واحدة هي الغد وباب واحد هو المستقبل وطريق واحد هو المستحيل  ...!!!

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

متعلقات