صنعاء - ثابت العقاب
الاثنين 26 ابريل 2021 الساعة 19:53
الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة

هذا المساء ساكتب عن صنعاء ❤️ .. 
سأتبناها ولو ليوم واحد فقط .. سأحاول ان أكون كاتبًا وأبًا استثنائيا لمدينة جمعت كل الاستثناءات وكل الاغراءات وكل الامجاد وكل الهزائم وكل العشق وسوف اعترف لك آيها القارئ العزيز ان الكتابة عن المدن اصعب من تخطيطها وعمرانها ولكنني سأغامر  ..
سأكتب بمخيلتي الصغيرة كون شيطاني مصفد و سأعتمد على ذاكرتي ولغتي وما تبقى من رائحة الأماكن والأغنيات ..
سأجلس بالقرب من حوض السمك الوحيد واقترب من عينيها قليلا واحول الطقس الحار ووعودها الكاذبة وسنوات الضياع وكل القصائد التي كتبتها لها تحت تأثير القات إلى عشاء لقطة جارنا الفرنسي ..
ومن ثم اصنع بساطا من الريح نعم اصنع بساطا من الريح أجمع فيه من كل شفة ابتسامة ومن كل عين رمش ومن كل قصيدة معنى ومن كل أغنية ايقاع ومن كل عطر حكاية ومن كل رواية حقيقة ومن كل جنون حكمة ومن كل خطيئة مغفرة واعبر التاريخ أجل ادخل من ابوابها الثمانية أذهب إلى ما قبل الغزاة وما قبل الطغاة وما قبل الملائكة والشياطين ما قبل الذاكرة والانبياء ما قبل آلهة الحرب وميقات المسافات ما قبل القات والزبيب وما قبل المرأة والبحر  وما قبل السياسة والنوادي الليلية ..
سأكتب عن صنعاء من نقم واصور الحدائق التي جمعت آدم وحواء وفرقتنا أنا وأنت.. سأحصي الطيرمانات التى شهدت ميلاد المسيح ونسيت تاريخ المولد النبوي واصف العاديات التى لم تشارك في احتفالات رأس السنة  ..
سأكتب بلسان ذلك الطفل الذي ذهب رفقة والده إلى صنعاء وهو في التاسعة من عمره وضاع .. 
نعم ضاع نسي طريق العودة كم كان ساذجا وهو يحمل على عاتقه طموحات وأحلام تخليص العالم وحتى الآن وبعد أربعين عاما غربة في شوارعها لم يستطع حتى تخليص نفسه والعودة إلى قبر ابيه ..
سأكتب بلسان الثوري النبيل الذي اراد ان يقتل الجهل والفقر والمرض فقتل نفسه .. 
سأكتب نيابة عن الأرض والتاريخ والإنسان  .. سأكتب نيابة عن الأميين الذي تخرجوا من الجامعة بشهادات امتياز  ..
سأكتب عن العمر عن الأيام وهي تمر من أمامي بحثا عن الذين عبرو من دمي.. اقطع الينابيع التى صنعت الطوفان.. وارتب النقوش والحكايات حسب حروف اسمها الثمانية وابكي نعم ابكي حزنا وكمدا وحسرة ولن اتسائل من أين تاتي حقب الانحطاط ؟
ومن أين تأتي أزمنة الخراب وكيف تكثر فيها الألسنة وتطول الإقلام وتختفي الحقيقة ويمسي الانتظار فنا وتغدو الأماكن مجرد مواعيد على ورق؟..
صنعاء .. يا أول الملكات و يا اجمل الأمهات ويا آخر الحسرات ..
من أي جرح ابدأ الآن الكتابة وجوارحي ملح ويدي صبابة تستسقي صبابة واغنيتي سراب في سراب..
وجها لوجه مرة أخرى أنا وصنعاء والنهدين وبيت بوس وسوق الجص وباب القاع ومكحلة وحيدة وما تبقى من المرايا .. صنعاء في كل الدروب جميلة ومليحة " و تحلو حين ترتكب الخطايا "..
صنعاء سنبلة يتيمة وسمسرة تحتاج عمرا خالصا كالثلج كي تمحو المجاز من السراب.. وكي تنام بلا ذئاب.. صنعاء جوهرة من الحزن المعتق والمطرز بالبنين وبالبنات بالعطايا وبالهبات بالقريب وبالبعيد بالقديم وبالجديد ..
لا شيء ياصنعاء غير الصمت بضاعتنا الأخيرة.. لا شيء غير الحزن وصاع من صقيع وبردة كافر وقنديل من الخوف الموشى بالصلاة وبالصيام و بالزكاة هذا حظ من سكنوا إليك..
وحظي ان تعذبني الحواس الخمس تعجنني المرايا بين زجاجها تجلدني المسافات لأن الحلم يسبق بي لأن الشوق يدفع بي لأن الوقت ينتظر الكتابة وأنا أمامك من كآبة في كآبة في كآبة..

 

الصورة بين قطبي السياسة والأدب في منزل الحبر الأكبر الدكتور مصطفى بهوان في صنعاء يناير ٢٠١٥ م ...!!!

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

متعلقات